خيانة طالبان!

 العقل البشري في العموم بيميل للتبسيط وتنميط الناس ووضع ليبل على كل مجموعة. وكا ما العقل ده بقى اقل معرفة كل ما زادت عنده الرغبة للتبسيط والتنميط. فيشوف الاف من البشر شايف حكم طالبان كارثة على حياتهم, متجمعين في مطار ولا بيهربوا في شوارع العاصمة, فيقولك الكلاشيه السهل "عملاء الأحتلال".. وانظروا كيف يحتقر الأحتلال العملاء. الى اخر هذه الكلاشيهات.. 

عزيزي البسيط المبسط الأمور اكتر تعقيدا من حكمك المباشر المتشنج الغسان كنفاني على الأمور. بعد عشرين سنة في فئات كتير اصبح وجود طالبان خطر وجودي عليهم. زي الست المخرجة صحراء كريمي اللي شوفت فيديو جريها هربا في شوارع كابول, وزي كتير من فنانين و حرفيين كانوا بيشتغلوا في مهن بتحرمها طالبان زي مثلا صناعة الطائرات الورقية.. زي الستات اللي عايزين يودوا بناتهم المدرسة, زي المعلمات اللي كان لهم دور في حركة تعليم البنات. في مجموعة كبيرة من الليبراليين اللي لهم رؤية مختلفة للحياة, في مجموعة من المعلمين اللي كانوا بيشتغلوا في مؤسسات لتلعيم البنات ( ما تصدقش التصريحات لغاية دلوقتي يقفلوا مدارس البنات وفي الغالب هيكملوا بعد استقرار الأمور.)

راجل اكاديمي محترم له كل التقدير لكن مفيش اي تقدير للي كتبه كتب مقال مليان كراهية وتنميطات بمنتهى الأريحية وصف كل الناس اللي اشتغلوا في اعمال الترجمة انهم خونة وناس دخلت تقوله الله عليك يا دكتور بمنتهى راحة الضمير.. طيب يا عزيزي الوجود الأمريكي لم يكن وجود عسكري فقط... عمل الكثير من المترجمين في اعمال الأغاثة الأممية اللي اتقدمت من امريكا وغيرها (مش حبا في سواد عيون حد لكن خدمة لمصالحهم في صناعة استقرار في البلد). 

حتى المترجمين اللي اشتركوا مع الجيش الأمريكي, منين بردو جيبت اريحية انهم خونة, خونة لمين؟ لطالبان؟ ما اهي طالبان بالنسبة له عدو وجودي ولازم يحاربه والجيش الأمريكي كان بيقدم تدريبات لافغان المفروض انهم هيقوموا بالمهمة دي. فين الخيانة هنا؟ والخيانة لمين؟ تفسير مصلحة الوطن نفسه مختلف بين اللي هنا واللي على الناحية التانية. 

يا جماعة بلاش كلاشيهات محفوظة وصور خايبة مش مناسبة عن حالة غاية التعقيد وربنا يكون في عون الناس اللي فضلت في المطار لدرجة انها اتشعلقت في طيارة بتطير علشان تنجي بنفسها.. انتم مش متخيلين كم الخوف والفزع اللي الناس فيه. 

واخيرا, هو يوم العار لأمريكا فعلا.. لأنها وهي بتتفاوض علشان تضمن ان طالبان ما تبقاش مصدر تهديد لها لم تؤمن حياة الناس دول اي ما كان السبب اللي خلاهم ضد وجود طالبان. انه يوم العار والحزن.