في تلات روافد قامت عليهم عصور النهضة, وكلهم مبنين على النقد والشك. اولهم رافد ديني وهو نقد ممارسات الكنيسة والإعتراض عليها وده كان بيرمز له مارتن لوثر في الدعوة البروتستانية او الإحتجاجية لو ترجمناها بالعربي.
في رافد فلسفي وتأسيس منهج الشك الديكارتي, وده خلى كل حاجة قابلة للنقد والجدل حولها بأي شكل.
في رافد علمي ويمكن يكون اتأسس على قوانين كوبرنيكس و جاليليو اللي نقدت بردو مفاهيم الكنيسة عن الأرض والكون.
فحضرتك لما تيجي تطلب منهم انهم يبطلوا نقد علشان ما يصحش بالنسبة لك فأنت بتطلب منهم انهم يبقوا مش هما. الأفضل انك تستغل الحالة دي لصالحك وانشر افكارك بدل ما تحاول تمنع افكار تانية. وده بيحصل فعلا في ناس في قلب ميادين اوروبا بيوقفوا وبيكلموا الناس عن الإسلام وعن قيمه وبيدعو للإسلام وفقا لمفهومهم وبيحصل جدل صحي للأفكار. لكن فكرة الكلام اللي بيقوله شيخ الأزهر ده وناس تانية بتأيده اننا عايزين قوانين تمنع الناس من نقد الإسلام اللي من ضمنه الرسوم المعادية للإٍسلام فدي فكرة ساذجة ومش هتحصل لأنها جزء منهم وهي حاجة مختلفة عن فكرة معاداة السامية. السامية دي عرق تعرض لإضطهاد ومذابح فأي افكار ضد عرق من الناس وبتحرض ضدهم بالعنف فأكيد هتتمنع لأنها مش حرية لكنها دعوة للقتل والتنكيل, لكن كل الشخصيات التاريخية بما فيها انبياء العهد القديم والمسيح و بوذا وكل الشخصيات اللي تيجي في دماغك محل نقد بكافة اشكاله دون ان يتشنج احد. اللي عايز يرد يرد بالكلام المضاد والفكرة المضادة ويستغل حالة الجدل لنشر افكاره مش لمنع افكار التانين.
في حالات الهستيريا الجماعية صعب جدا انك تتناقش بموضوعية او تطرح فكرة مغايرة لفكرة الجموع الغاضبة. لكن خلينا نحاول نطرح فكرة لها معنى بدل الصراخ الغير عقلاني والعبارات المشحونة غضب و عاطفة وحشد.
1- اسوا حاجة أتعملت في الفترة اللي فاتت هي جريمة القتل اللي عمله إرهابي ضد المدرس ثم الاعتداء بالطعن على سيدتين محجبتين في أحد حدائق باريس والحمد لله انهم ما ماتوش. خلينا ناكد ان القتل والعنف هو أسوأ حاجة علشان ما نحاولش نلاقي ليهم مبررات تشجع مزيد من القتلة انهم يعملوا مزيد من الجرايم..
2- ما ينفعش أثناء القتل ده تقول انا بأنعي القتيل وباطالب أنكم تنفذوا مطالبنا لان كده بيبان انك بتستغل القتل للابتزاز و ده بيثير حفيظة الطرف الآخر المنفعل اصلا بحادثة القتل. فتبان بالنسبة له انك بتستغل العنف لتحقيق أهداف سياسية. بلاش الحكاية دي ومش وقت تكرار الطلب بتاع شيخ الأزهر خالص بإصدار قانون يجرم انتقاد الرموز الدينية. لا تنعي ولدك وتصلح ساعات يعني.
3- لو عايز الناس تسمع كلامك قولهم كلام يقدروا يتفاهموا عليه افهم قيمهم الأساسية و اعرف ايه اللي بيعتبروه قيمة أساسية وايه اللي بيعتبروه أمور قابلة للتفاوض. حق الانتقاد والسخرية ضد الشخصيات التاريخية والدينية أحد أهم الأفكار المترسخة في فرنسا. الروح المؤسسة للثورة الفرنسية نفسها قايمة على فكرة نقد الدين وأثره على الوعي الإنساني. الفكرة دي مختلفة عن فكرة فصل الكنيسة عن الدولة اللي موجودة في الثقافة الإنجليزية والأمريكية هي فكرة واخدة خطوة مختلفة وصلت في بعض الفترات لحد اعتبار حق نقد الأديان حق أساسي وكان اللي بيدافع عن الدين هو اللي بيتعاقب. فما ينفعش تطلب من فرنسا تبطل تبقى فرنسا بإصدار قانون يمنع الحق ده. لكن ينفع تطالب بحق الرد و حق الدعوة لأفكارك بطريقة سلمية. علشان كده كان رد زعماء المجتمع الإسلامي الفرنسي افضل الردود وهو إدانة القتل بكل العبارات الممكنة و التأكيد على حرية التعبير لان حرية التعبير دي بس هي اللي هتضمن له حقوقه في انه يعرف ينشر افكاره ويرد على الخصوم دون أن يمنعه أحد من الكلام لانه عارف لو بدا لعبة اخراس خصومه دي هتقلب عليه هو شخصيا وبالوقت مش هيضمن حقوقه الأساسية نفسها.
4-الحمد لله بقى في فرصة دلوقتي للمتدينين انهم يردوا ما يتعاقبوش زي ايام الثورة الفرنسية. استغلوا الفرصة دي و ابدأوا ردو على السخرية والنقد والإساءة بكل الطرق المتاحة الا العنف لان العنف هيخليك تخسر قضيتك.
5- لو عايزين تطوروا أفكار مع العالم لازم تفهموا لغة العالم. اللي اكيد مش منها التهديد بأن عنف أكثر من ذلك سوف يأتي ان لم تستجيبوا. على فكرة الموضوع مش فرنسا بس الموضوع أوروبا كلها تقريبا منزعجة من حادثة القتل البشع ومنزعجة اكتر من فكرة ربطه لو ما عملتوش اللي احنا طالبينه فاعذرونا بقى مش هنقدر نحوش عنكم العنف. بلاش تعرضوا الحكاية بالشكل ده. تاني، رد الأزهر مكانش ذكي.
6- اليمين القومي والديني الأوربي محتاج يقدم أدلة على خطاب الكراهية اللي بيعملوه ضد المسلمين فبلاش نسهل لهم المهمة ونقدم له شواهد يستخدموها علشان يخوفوا مزيد من الناس ويقنعوا مزيد من الناس ان المسلمين خطر عليهم. لسة عند رأيي ان اليمين عندنا وعندهم بيحتاجوا لبعض علشان يكبروا وينتعشوا ويجددوا سردياتهم ويضموا مزيد من الخائفين او الغاضبين.
خلينا بس نتكلم عن كام نقطة , ونسأل كام سؤال. السؤال الأول هل كل المهمشين مسلمين؟ السؤال التاني هل كل المسلمين مهمشين؟ هل الدوافع الأيدلوجية لها دور؟ هل اوروبا منزعجة من وجود الأجانب ام من وجود السلفية؟ ليه دلوقتي ومش في السبعينات ولا التمانينات ولا اوائل التسعينات رغم ان كل ده كان موجود اكتر كمان؟ بالنسبة للسؤال الأول في افارقة مهمشين اكتر من المسلمين السلفيين وبطول اوروبا وعرضها في شعوب الروما او الغجر مهمشين بردو لكن محدش بيكون رده على التهميش بأفعال لها طابع ارهابي ولا بيطالب بدل ما نمنع التهميش نمنع نقد الأفكار غير السلفيين المسلمين. اجابة السؤال التاني بردو مش كل المسلمين اللي بيرتكبوا ارهاب بيبقوا مهمشين حسيب حسين منفذ هجوم لندن كان شاب واعد جدا وكان جزء من المجتمع ومحبوب من الجميع وبيشتغل في البيزنس والتكنولجيا ومعاه تعليم جامعي وعضو في نادي كروكيه وكورة وجيرانه بيحبوه, حسيب اتأثر بأيدلوحيا للكراهية اكتر منها احساس بالتهميش وغيره كتير كده في المانيا و ايطاليا واسبانيا وفرنسا مما يجيب على السؤال التالت في ان الدوافع الأيدلوجية بتلعب دور كبير جدا في العنف السياسي. الأجابة على السؤال الرابع, اوروبا مش منزعجة اوي من وجود الأسيويين وهما موجودين بكثافة في تشيكيا مثلا, ومش منزعجة اوي من وجود الروس رغم مشاكلهم ومش منزعجة من وجود الافارقة بنفس الدرجة الكبيرة زي المسلمين اللي محتمل يتحولوا الى مسلمين سلفيين, اه اوربا فيها عنصرية لكن انزعاجها من المسلمين السلفيين مش بدوافع عنصرية هو بدوافع انهم مقتنعين بدور رسالي ليهم وتبشيري بيخليهم يفرضوا الدين في المساحة العامة بشكل بينتهك جزء من اللي شايفينه صح, فبخلاف الإرهاب في عنف ضد المرأة وتحجيب لبنات صغيرات في المدرسة ومحاولات لغلف مجتمعات بقيم اسلامية وتأسيس شرطة للشريعة زي ما حصل في المانيا ودي حادة بردو مفيش اجانب تانين فكروا يعملوها حتى الهنود المتعصبين للهندوسية. اجابة اخر سؤال ليه موجود دلوقتي؟ ببساطة لنمو السلفية كأيدلوجية عنيفة مش لأي حاجة تانية. السلفية مدت الشباب دول بهوية جمعية وخطة للعمل وطريق بديل للسعادة وده خلى الأمور تبقى في حالة تشنج ومواجهة بدل ما كانت ممكن تاخد منحى حقوق مدنية وحركة دمج.
ببساطة، انا ضد الدوجما. الدوجما هنا والدوجما هناك والدوجما في كل حتة. أسهل حاجة ترد على الفكرة دي انك تريح ضميرك الجمعي اللي ضاغط عليك وتشتم في اللي بيقولك الكلمتين دول وتتهمه بالعمالة للغرب أو الشرق وتكتب كام بوست عن هؤلاء الذين سحرتهم أضواء الفرانكفونية واستعمرت رؤوسهم مدافع نابليون الثقافية إلى اخر هذه المفردات التي تمنعك من الاشتباك مع الفكرة وتجعلك دوما أسير تصنيف قائليها فتفقد القدرة على التدبر والتفكير العقلاني. الوصم دايما يجعلك أسير العاطفة الغاضبة لا التفكير العقلاني. كل الأفكار قابلة للنقد بكل أشكاله سواء من معتنقيها او من خصومها. فقط نقدها هو ما يحفز عقلك انه يفكر في جدليات مضادة للجدلية اللي بتتقال وببحفزك انك تثبت العكس فتقدم نموذج افضل لنفسك ولتطوير فكرتك. تحصين فكرة ما من النقد بقوة القهر الشرعي اللي هو القانون او القهر غير الشرعي اللي هو الإرهاب والجريمة بيخليك كسول وبيخلي فكرتك أضعف وغير قابلة لتقديم نماذج متطورة اكتر تقدر تستوعب العصر والدنيا. الأفكار تصير في أزمة اذا ما عجز المدافعين عنها عن تقديم شيء آخر غير محاولة آخراس المنتقدين او المشككين باستخدام القمع لا العقل. دومتم مفكرين ومجادلين باللتي هي احسن.
تعليقات
إرسال تعليق