التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المقالات الأحدث

ترامب في الكنيست: خطة سلام تحت تهديد السلاح

  خطاب ترامب في الكنيست (الأهم سياسيا من كل هراءه   في شرم الشيخ) لا يفضي إلى أوسلو ولا إلى جائزة نوبل، بل إلى لاهاي على أبواب المحكمة الجنائية الدولية . لكن، بطبيعة الحال، لن يُحاسَب، لأنه الطرف الذي يمتلك السلاح في مواجهة الكوكب بأكمله . الخطاب جاء كوثيقة سياسية تحمل ست رسائل مركزية : اعترافٌ ضمني بالمشاركة في الإبادة عبر التسليح تحدّث ترامب بفخر عن الدعم الأميركي لإسرائيل وعن “الأسلحة الذكية” والقنابل الغبية والصواريخ القادرة على محو مربعات سكنية كاملة ما فوق الأرض وما تحتها، التي مكّنتها من “تحقيق النصر”، في إشارةٍ مباشرة إلى استمرار تدفق السلاح الأميركي أثناء الحرب على غزة . لم يقل إنه يسلّح للإبادة، لكنه قدّم الإبادة باعتبارها نتيجة مشروعة للدفاع عن النفس، مما يجعله شريكًا فعليًا في الجريمة، لا مجرد متفرّج أو متواطئ صامت . تمجيدٌ لقادة المذبحة وتبييض الجرائم أشاد ترامب علنًا بقادة الحرب الإسرائيلية، وخصّ بالذكر من وصفهم بـ“الأبطال الذين أنقذوا إسرائيل من الظلام”، في وقت ما زالت فيه التحقيقات الدولية تلاحقهم بتهم ارتكاب جرائم حرب . هذا الإطراء لم يك...

عالم بلا امريكا: النموذج الذي نريد تسليمه للعالم




اقتحام مبنى الكابيتول

عندما شاهد البعض اقتحام مبنى الكابيتول، تمنوا أن يروا أمريكا تنهار. لكن السؤال هنا: ما هو النموذج الذي يريدون تسليمه للعالم؟ هل يريدون أن تصبح الصين القوة العظمى الوحيدة، والعالم كله يصبح حديقة التنين الصيني؟ هل نريد أن نستلف جميعًا من الصين، وعندما نعجز عن التسديد تستولي على الأصول؟ هل نريد أن نتعلم كيفية إخفاء أي شخص يعبر عن رأيه مثلما حدث مع مؤسس شركة علي بابا، أو أن تختفي جماعات عرقية تمامًا في معسكرات تركيز؟

أم نريد أن نستلهم النموذج الروسي، حيث يتم حقن أي معارض بغاز أعصاب أو مواد محرمة دوليًا؟ هل هذا هو النموذج الذي نطمح إليه؟

أم نستلهم النموذج الهندي، حيث يتم البحث عن أقليات تمارس طقوسها الدينية أو تأكل لحومًا عادية مثل بقية البشر، ويتم ضربهم وقتلهم في الشوارع؟أم نريد النموذج اليوتوبي المعبأ بخيالات الخلافة والحكم الديني، والذي إذا سألت اثنين عنه، كل واحد سيعطيك إجابة مختلفة؟

مشاكل أمريكا

لا خلاف أن أمريكا لديها مشاكل كثيرة مثل التمييز والأزمات الاقتصادية التي تظهر على مراحل، وأزمات الفقر وأحزمة الصدأ التي تظهر في الولايات التي تتراجع صناعيًا بسبب عمليات الإحلال التكنولوجي. لكن كل هذه المشاكل محل مناقشات لا تنتهي بسبب طبيعة أمريكا التي تقبل مناقشة عيوبها ومشاكلها وتطرحها للعلن لمناقشات حية لا تتوقف.

العالم بدون أمريكا

عالم بدون أمريكا هو العالم الذي كان قبل الحروب العالمية، حيث كانت تحدث حروب كبيرة كل بضعة عقود. أوروبا لم تستقر أمنيًا إلا عندما خرجت الهيمنة الأمنية من القارة وأصبحت مع مهيمن بعيد، مما أوقف حالة التنافس على الهيمنة والنزاعات، وأحل فكرة التعاون الاقتصادي محل فكرة التنافس الأمني. وخلقت مؤسسات دولية تفرض قواعد، ورغم أنها قد لا تتحقق دائمًا، إلا أن وجودها إحصائيًا جعل العالم أكثر أمانًا من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين رغم كل مشاكلها وانحيازاتها.

القيم التي تصدرها من أمريكا

العالم كله يتعلم من بعضه البعض ويتعلم من القوى المسيطرة أكثر. والثقافات في حالة تفاعل دائم حتى في أكثر حالاتها تصادم. القيم السياسية  التي نتعلمها من أمريكا كانت مهمة لتعلم كيفية إدخال أصحاب المصلحة في صناعة القرار. قد تقول إن الأقوياء يقنعون أصحاب المصلحة، ويسيطرون على قنوات تشكيل الوعي، لكن بقاء قنوات مفتوحة للجدل العام ومقاومة القوى المسيطرة ما يزال قادر على تشكيل وعي قطاعات في العالم الأكثر حرية (لأن تعبير العالم الحر في المطلق ربما لا يكون دقيق) يبقى الجدل أحد مصادر   عملية صناعة القرار.  ويمنح هذا الجدل صوت للطرف الأضعف لتغيير المعادلة أحيانا. تقدم حالة الجدل والقدرات على التأثير من الأطراف على بعضها البعض نماذج وأمثلة ملهمة، مثلا، في النزاع حول مشروع خط أنابيب كيستون إكس إل، نجح المدافعون عن البيئة وجماعات السكان الأصليين الأميركيين، على الرغم من امتلاكهم لقوة مالية وسياسية أقل مقارنة بشركات النفط، في معارضة المشروع لأكثر من عقد من الزمان. وقد أدت جهودهم، إلى جانب المعارك القانونية والأوامر التنفيذية، في نهاية المطاف إلى إلغاء المشروع. . يخلق التفاعل الداخلي في صناعة القرارات في الولايات المتحدة ( رغم عيوبه وقدرة جلوبيهات المال والأعمال على توجيه جزء كبير منه) نمط قابل للتصدير في عالم يعاني من تهميش أغلب أصحاب المصالح وتركيز السلطة


القوة الديمقراطية العظمى

العالم يحتاج إلى قوة ديمقراطية عظمى، وبما أن هذه القوة العظمى لم تظهر في مركز آخر غير أمريكا، فإن الحفاظ على أمريكا رغم كل عيوبها هو من مصلحة العالم حتى اليوم. فبدون وجود قوة ديمقراطية عظمى، قد يعود العالم إلى حالة من الفوضى والتنافس على الهيمنة، مما يؤدي إلى نزاعات وحروب كبيرة كما كان الحال قبل الحروب العالمية. نعم انتجت أمريكا فوضتها ومارست امبريالية على طريقتها لكنها تبقى الأقل تدميرا بالمقارنة مما يستدعي إصلاح قيادتها أو على الأقل أستبدالها بنموذج أكثر احتراما للديمقراطية لا نظم استبدادية لقيادة العالم.

خلاصة

في النهاية، يجب أن ندرك أن العالم بحاجة إلى قوة ديمقراطية عظمى تنتج أفكار وجدل وصراع مصالح يعزز تطوير الجدل والأفكار.. الحفاظ على أمريكا ، رغم كل عيوبها، ومحاول إصلاح ديمقراطيتها التي تعاني من أزمات وعيوب وتكاد أن تنهار تحت الزحف اليميني، هو من مصلحة العالم لأنها تظل النموذج الأكثر قدرة على التصحييح الذاتي والنقد الصحي  ومواجهة أخطائها في عملية لا نهائية من صراع القيم.



تعليقات

المشاركات الشائعة