الثورة فعل تغيير مادي مش معنوي (بمعنى انه موجود على الأرض فعلا مش في عالم الأفكار) يأخذ شكل قوة تسير في اتجاه ما يتحدد شكلها ونوعها واساليبها وفقا للقوى المضادة التي تحاول منعها .. سلمية الثورات واعتدالها من عدمه بيتوقف على مدى سلمية واعتدال واستسلام القوى المضادة .. فلو كانت القوى المضادة مستسلمة او لا تبدي مقاومة عنيفة سارت قوى التغيير في مسار طبيعي سهل وسلس وغير مدمر وغير عنيف وسينتصر المكون الأكثر اعتدالا في الثورة.. وكلما امعنت القوى المضادة للثورة في المقاومة كلما ظهرت التيارات المتطرفة في الثورات واستطاعت ان تبني مظلوميتها من قضية الثورة نفسها وحق الناس في التغيير واستطاعت ان تحشد مؤيدين معتدلين ولكن تطرفوا مع مرور الوقت وعدم القدرة على تحقيفق انتصارات حقيقية لصالح قضية التغيير .. الثورات الملونة غير العنيفة دي تظهر في دول بتكون فيها الأنظمة القديمة فقدت القدرة على المقاومة وفقدت داعميها الدوليين والمحليين واستسلمت للأمر الواقع وحاولت ان تخرج من المشهد بأقل الخسائر زي اللي حصل تقريبا في كل اوروبا الشرقية بأستثناء رومانيا اللي تحولت فيها الأحداث الى مسارات عنيفة نظرا لقدرة الأطراف المضادة على تعبئة موارد ضد قوى التغيير. والثورات الأمريكية والأنجليزية والفرنسية اخدت منحى عنيفة نظرا لقدرة القوى المضادة للثورة على المقاومة مما دفع الثورة الى المقاومة المضادة وتحول الفعل الثوري الى فعل عنيف .. الثورة الأمريكية في اساسها قايمة على فكرة حق الناس في مقاومة ظلم الحاكم ولو بالقوة المسلحة وده اللي خلى حق حمل السلاح احد الحقوق الشخصية في امريكا لغاية دلوقتي .. سوريا مش استثناء من كل ده. سوريا في اساسها ثورة سلمية اتجرت لمربع العنف المضاد كرد فعل على عنف النظام المبالغ فيه في شهور الثورة الأولى الى ان حدث اول انشقاق في الجيش السوري الغير محترف والغير وطني (وطني هنا بمعنى الدفاع عن حقوق الأمة ككل وليس مزايا ومكتسبات طبقة مقفولة) فلما انت تيجي دلوقتي وتقولي انا ضد الثورة المسلحة في سوريا , فالحقيقة انت بتغفل ان حاجتين الأولى ان اللي سلح الثورة هي الممارسات الوحشية للنظام نفسه, واللي خلاها قضية علويين وسنة هو النظام المقفول في المزايا على طايفة واحدة بس مما استفز مشاعر طائفية مضادة, الحقيقة التانية بقى ان حالة المقاومة ضد العنف لا تقتصر فقط على العنف الأجنبي بل تمتد الى العنف المحلي اللي بيقوم بيه نظام حاكم ضد مواطنيه. انا متفهم تماما وضع الثورة السورية ومش بأميل للتبسيط المخل ده بتاع بما انهم رفعوا السلاح فهم لا يمثلوا الثورة والا هاضطر انفي الثورية عن كل الثورات الكبرى في العالم... انا وانت والسادة اللي مشرفينا يتمنوا ان تبقى الثورات فعل رومانسي جميل بمجرد ما يقوم ويحمل مطالب عادلة للتغيير يستجيب لها النظام الحاكم ويمشي , لكن في الحقيقة ده مش بيحصل في كتير من الأحوال وكل ما يبدي هذا النظام من رغبة في مقاومة التغيير وتصفية الحالة الثورية بعنف كل ما ده بيزق الثورات اكتر الى المواجهات الحادية والمعارك الصفرية ويخلق مظلوميات قادرة على الحشد في اكثر صوره تشددا. قوانين الصراع الأنساني بتحدد شروطها اللي في الغالب بتبقى على غير رغبة حضرتك وبردو في الغالب على خلاف حالات التبسيط القائمة على فكرة الثوار عمرهم ما شالوا سلاح وان دول مش الشعب السوري الحقيقة هما الشعب السوري في حالة مقاومة عنيفة جدا لم نكن نتمناها لكن كل الظروف التي صنعها نظام الأسد ادت اليها .. دعما لسوريا في ثورتها
تعليقات
إرسال تعليق