من قديم الأزل وانا مش بأسمع غير نفس الأسطوانة والسي دي وشريط الكاسيت ( من ايام ما كان في شرايط كاسيت يعني ) ان الغرب متقدم تكنولوجيا لكنه طبعا وفي ذات نفس الوقت متأخر ومتراجع ومتنيل على عينيه فيما يخص الأخلاق والقيم الأنسانية العليا ، هيعملوا ايه بالتقدم التكنولوجي والمادي وهما عندهم كل الأنحلال الأخلاقي والأنساني ده ، وطبعا كل شتا لما يجي شوية برد على اوروبا وشوية جليد على شوية اعاصير يقولك شوفوا عقاب ربنا للكفرة المجرمين هما هيروحوا من ربنا فين !!!! طيب يا جدعان ما احنا المجاري طافحة عندنا على طول والزبالة اصبحت اكبر من اهرامات الجيزة ده بقى يبقى غضب مين ؟؟؟؟ .
وطبعا وفي نفس الأسطوانة والكاسيت اللي بتسمعه عن الغرب الوحش تقلب على الوش التاني على طول تسمع الجزء الثاني الغير منفصل عن جزئه الأول وهو الذي يحدثك عن اخلاقنا العالية وشهامتنا المفرطة و تفوقنا الأنساني .....وتسمع مع هذا الجزء عن اخلاقيات الحارة المصرية العريقة وعن شهامة ولاد البلد ( طيب وايه اخبار بنات البلد ؟؟؟ ) وأخلاق القرية المصرية الأصيلة ..
احساس مبالغ فيه بالتفوق دون سند في الواقع ...تفوق تسمع عنه فقط في الحواديت الشعبية المصرية والعربية لكن لا تراه بعينيك ولا تشمه بأنفك او تلمسه بيدك وبمجرد ان تعرضه الى اول اختبار حقيقي تنهار الأسطورة وتكتشف ان التقدم وصفة قائمة على منظومة قيم حضارية قبل ان تكون مادية و مقدمات اخلاقية قبل ان تكون نتائج تكنولوجية فالغرب لم يصل لما فيه الا بتبنيه قيم تحترم الأنسان وتقدس الدقة وتكافىء الأنجاز.. وبالنظر قليلا الى المرآة ( شرط ان تكون مرآة حقيقية وليست عدسة تكبير وتضخيم ) تكتشف ان شهامة المصريين كثيرا ما تتحول الى كائن خرافي لا وجود له في مواجهة اي ظالم او بلطجي او متجبر ( اسأل الحزب الوطني ونظام مبارك اللي راكب ومدلدل ) ، هذا الشعب المؤمن التقي تنتشر في مدارسه ظاهرة الغش المدرسي وعلى الرغم من اننا نصر ان نسميه غش فأننا وفي نفس الوقت نعمله ثواب للعيال الفاشلة ، حيث اصبح ظاهرة منظمة في المدارس كلها وكل لما تسأل مراقب لجنة ليه بتسهل الغش يقول لك العيال حرام تسقط .
هذا الشعب الشهم الأصيل كان شاهد على جريمة قتل خالد سعيد في الشارع وكل ما استطاع ان يفعله صاحب السايبر اللي بدأت عنده الجريمة انه طلب من المجرمين ان يقتلوه في مكان اخر غير محله - شاهدت بعيني سيارة تصدم احد المارة ثم تهرب مسرعة بمنتهى الشهامة والنخوة -، هذا الشعب الخلوق الجميل يسجل اعلى معدلات تحرش ضد النساء المحجبات منهن وغير المحجبات ... ناهيك عن تفشي الرشوة والفساد الأداري وضعف الأنتاجية وسلب الحقوق واحتقار الأنجاز ووأد المبادرة ...
اقول هذا وانا اعرف ان الشهامة والجدعنة و الأخلاق الحميدة لم تخلو ولم تنعدم من عند الكثير لكنها شهامة قليلة التكاليف وأخلاق لا تكلف صاحبها الكثير من العناء وتدين لا ينصرف كثيرا لجوهر المعاملات....اعرف طبعا ان هذا ناتج عن سنوات من القهر والظلم وتشويه الشخصية المصرية واعرف ان كثيرا من هذه المقولات ما هي الا حيل دفاعية تبرر التخلف الحضاري والمادي ولكن اعرف ايضا اننا بحاجة الى مواجهة ومكاشفة وبحاجة لأن نتوقف قليلا عن تضخيم الذات لنصارح انفسنا اننا امة متراجعة وهذه هي نقطة البداية للتقدم .
والى هذا الحين سيظل الغرب يتقدم ونظل نحن نحكي عن الغول والعنقاء والنخوة والشهامة المصرية .
تعليقات
إرسال تعليق