التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المقالات الأحدث

ترامب في الكنيست: خطة سلام تحت تهديد السلاح

  خطاب ترامب في الكنيست (الأهم سياسيا من كل هراءه   في شرم الشيخ) لا يفضي إلى أوسلو ولا إلى جائزة نوبل، بل إلى لاهاي على أبواب المحكمة الجنائية الدولية . لكن، بطبيعة الحال، لن يُحاسَب، لأنه الطرف الذي يمتلك السلاح في مواجهة الكوكب بأكمله . الخطاب جاء كوثيقة سياسية تحمل ست رسائل مركزية : اعترافٌ ضمني بالمشاركة في الإبادة عبر التسليح تحدّث ترامب بفخر عن الدعم الأميركي لإسرائيل وعن “الأسلحة الذكية” والقنابل الغبية والصواريخ القادرة على محو مربعات سكنية كاملة ما فوق الأرض وما تحتها، التي مكّنتها من “تحقيق النصر”، في إشارةٍ مباشرة إلى استمرار تدفق السلاح الأميركي أثناء الحرب على غزة . لم يقل إنه يسلّح للإبادة، لكنه قدّم الإبادة باعتبارها نتيجة مشروعة للدفاع عن النفس، مما يجعله شريكًا فعليًا في الجريمة، لا مجرد متفرّج أو متواطئ صامت . تمجيدٌ لقادة المذبحة وتبييض الجرائم أشاد ترامب علنًا بقادة الحرب الإسرائيلية، وخصّ بالذكر من وصفهم بـ“الأبطال الذين أنقذوا إسرائيل من الظلام”، في وقت ما زالت فيه التحقيقات الدولية تلاحقهم بتهم ارتكاب جرائم حرب . هذا الإطراء لم يك...

الصراعات الكبرى تحتاج الى تفاهمات كبرى

في اوروبا اندلعت الحروب الدينية واستمرت لفترات طويلة وكان اشهرهم على الإطلاق حرب ال 30 عام بين اعوام 1618 ل 1630 اللي قامت من قلعة براج لما الأمراء البوهيميين التشيك  البروتستانت راحوا  بربطة المعلم هيلا بلا رموا مندوبين الهابسبورج الكاثوليك من شبابيك قلعة براج.
 الحرب دي كانت دموية لدرجة ان مات فيها لوحدها 8 مليون من كل اوروبا .. كانت في اساسها حرب ضد طريقتين في التفكير , فلسفتين كبار , اسلوبين للحكم, لكن اتصبغت بصبغة دينية كحرب في اساسها بين الكاثوليك والبروتستانت لكن في الأصل كانت حرب بين حق الملوك من ناحية وحق الشعوب  من ناحية تانية, بين سيطرة الكنيسة وفكرة الخلاص الفردي بين فكرة الدولة القومية وبين فكرة الأمبراطورية الدينية المقدسة (اإمبراطورية الرومانية المقدسة, حاجة كده شبه مفهوم الخلافة لكن على الطريقة الأوربية)..
انتهت  حرب ال 30 عام في النهاية بعقد صلح للتعايش بين المذهبين والفكرتين والفلسفتين  بما يسمى صلح ويستفاليا  سنة 1684اللي اقر بحق الناس في العبادة ونشأة الدولة القومية ومهد لتفسير الحكم والسياسة على اساس انها تعاقدات بشرية لا الهية بين الأمة او الشعب والحكام ... 

الدول ذات الأغلبية الأسلامية تقريبا بتمر بالمرحلة دي لكن بشكل اكثر تعقيدا  والصراع بيتجلى في اكثر اشكاله دموية في الشام الآن  اللي في مرحلة حرب الكل ضد الكل.  في جزء منها هو صدام بين فكرة الوطنية او القومية الأوليجاركية التي تتخذ من افكار حزب البعث والقومية او عبادة الدولة او بقاء الدولة حتى لو على اشلاء الناس جميعا  او العسكرتاريا  وكل الأفكار دي اللي بتمثل اطار ايدلوجي للإستبداد والدولة اللي تبقى على بالقمع او البطش او حتى قتل افرادها لحماية سيطرة فئة او طائفة او فرد او حزب او اي اقليه دي الفكرة الأولى اللي على خط النار حاليا.
في فكرة تانية بقى وهي فكرة القداسة الدينية للحكم السياسي و دولة يستمد فيها الحكام سلطتهم من النصوص الدينية لا من التعاقد مع الأمة وأن يقوم فيها السلطان بدور ظل الله على الأرض كما هو محفور بالنقش الكوفي فوق قصور توب قابي اخر قصور الخلافة الربانية كما يحب المؤمنين بالفكرة ان يطلقوا عليها .. الفكرة دي بكل ما تمثله من مخزون في الماضي وما تمثله من وجود في الحاضر في اكثر من نسخة واكثر من صورة تدفع بثقلها في اتون المعركة الكبرى اللي بنمر بيها...
العالم الإسلامي لم تظهر فيه حركة بروتستانتية  قوية بالمعنى الديني لكن ربما ظهرت البروتستانتية بالمعنى السياسي وهو التيار الثالث اللي داخل على خط المواجهة في المعركة دي ولكنه اكثر هذه التيارات تشتتا واقلها قدرة على المقاومة واضعفها تأثيرا حتى الآن لكنه بيكسب زخم بمرور الوقت وهو تيار يؤمن بالديمقراطية كقيمة وكطريقة ادارة الإختلاف والتنوع  وكهدف نهائي لتحرير طاقات الشعوب وتحقيق اداراتها ...
في النهاية لن ينتهي هذه الصراع الا بهزيمة الإستبداد  الأوليجاركي هزيمة نهائية  لأن انتصاره هو مدعاة لإستمرار لا نهائي  للصراع.
 ولا يمكن ان يستمر هذا الصراع الى مالا نهاية نحتاج جميعا الى ويستفاليا في العالم الإسلامي كويستفاليا العالم المسيحي .. اولا تهزم دعاوي الإستبداد وتحول السلطة الى تعاقد حر بين الأمة والحكومات للقيام بمهمة ادارة المجتمع لفترة محددة قابلة فيها للمحاسبة والإتفاق والإختلاف وتحول الصراع الى تنافس سياسي بين الأفكار وتجعل السياسة مساحة لتحقيق المصالح العامة والإدارة السلمية للإختلافات والتوفيق بين الإرادات المتصارعة مشروعها المصالح الدنيوية للناس وليس مشروعها ان تدخلهم الجنة في الأخرة .. وطبعا من حقك ان تستمد قيمك من اي مصدر ديني كان او بشري لكن وقت ما تنزل لكسب اصوات الناس انت تقدم برامج لها الصفات الإنسانية من حيث قابليتها للأتفاق والإختلاف وقابليتها للقبول والرفض وقابليتها للتغيير والتطوير والتفاعل مع الأفكار الأخرى ... هذا صراع من داخل ثقافاتنا ولن يحله بقية العالم كما يطالب البعض لأن بقية العالم لم ينتظرنا لكي نحل له مشاكله .. ولن يحل الصراعات الكبرى الا تفاهمات كبرى تهدف الى تعايش الأفكار حتى وهي تتنافس.

تعليقات

المشاركات الشائعة