 |
منصف السلاوي ودونالد ترامب. نقلا عن BBC |
في ابريل/نيسان الماضي انتشر فيديو للرئيس الفرنسي
ماكرون في مركز ابحاث (إي إتش أو ميديتيرانيه) بمدينة مرسيليا الساحلية (جنوبي
فرنسا) الذي يعمل حاليا لاكتشاف طبيعة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) بهدف التوصل للقاح وعلاج للمرض. سأل
الرئيس الباحثين الشباب في المركز من اين انتم؟ متوقعا اجابات عن المدن الفرنسية
التي أتوا منها, لكن الإجابات كانت مفاجأة فأغلب الباحثين أجابوا انهم أتوا من
لبنان, تونس, الجزائر, المغرب, السنغال, نيجيريا وغيرها من البلاد العربية
والأفريقية... الباحثون المهاجرين يعملون مع فريق بحثي فرنسي لمحاولة إنقاذ فرنسا
والعالم من أخطر وباء يضرب البشرية منذ الأنفلونزا الأسبانية. حملت الإجابة دلالات
تكسر تابوهات اليمين الأبيض عن الملونين الأقل ذكاء من الجنس الأبيض, وعن
المهاجرين المحصورين دوما في ادوار الشر في مخيلة اليمين العنصري.
على الجانب الأخر من بحر
المانش, كان القطاع الصحي البريطاني في قلب العاصفة وفقد العديد من المهاجرين من اصول
عربية او بنغالية او هندية او لاتينية اعضاء الأطقم الطبية حياتهم اثناء تصديهم بشجاعة للفيروس القاتل لينقذوا حياة العديد من
البريطانين الذي صوتوا منذ اشهر قليلة لصالح سياسات ترفع شعار " لا نريد
مزيدا من المهاجرين". وهي الشعارات التي تبناها رئيس الوزراء البريطاني بوريس
جونسون الذي بنى خطابه
السياسي وافكاره التي قاد بها بريطانيا للخروج من الإتحاد الأوربي وضمن بها فوز
سهل في الاستفتاء و الانتخابات التشريعية التي بنى فيها حملته على كراهية المهاجرين او
بعبارات اقل حدة عدم الرغبة في وجود مزيد منهم لأنهم عبء على بريطانيا التي تخسر
تدريجيا وفقا لوجهة نظر جونسون وناخبيه نقائها
البريطاني الأصيل بسبب هؤلاء الملونين. افكار حشدت غالبية البريطانين خلف جونسون.
لكن في مشهد اشبه بالميثودلوجيا الأغريقية, يعود القدر للإنتقام ويصاب جونسون نفسه
بالفيروس وتصبح حياته نفسها على المحك
وينقذه طاقم طبي من الأجانب الذين افسدوا عليه وعلى الناخبين البريطانين الثقافة
البريطانية النقية. وفي فيديو مسجل يشكر
جونسون الطاقم الطبي ويخص بالشكر الممرضة جيني من نيوزيلاند, ولويس من
البرتغال قائلا انه سيظل ممتنا طول حياته
لهم , وانه لا يجد الكلمات ليعبر عن
شكره. حسنا, لا يهم ان تجد الكلمات عليك
ان تجد الأفعال التي تشجع على بقاء بريطانيا منفتحة على التنوع والتعدد بلا خطابات
او افعال كراهية.
على الجانب الأخر من المحيط, لم يترك الفيروس اي فرصة لترامب للمناورة او استخدام
مزيد من عباراته التي تخرج من تنظيرات اليمين المسيحي الأبيض. اضطر ترامب الذي
يستهدف الناس لأسمائها او معتقداتها الدينية او اشكالها ويشجع ضمنا نظريات تفوق
العرق الأبيض, اضطر ان يقدم مغربي مهاجر اسمه منصف السلاوي المشرف على
الفريق البحثي لإنتاج لقاح ضد فيروس
كورونا، ولسان حاله بيقول أرحنا بها يا
سلاوي. كانت المفارقة ان السلاوي المغربي اثبات عملي على خرافات ترامب حول المهاجرين خاصة
الذين ينتموا لبلاد ذات اغلبية مسلمة والذي اراد ان يمنع دخولهم للولايات المتحدة حتى يعرف “ما اللذي يحدث هناك" وفقا لتعبيره. بدى ترامب في المؤتمر الصحفي الذي قدم فيه السلاوي, كأنه يستنجد
بخبرات الرجل الغير ابيض والغير منتمي للحضارة المسيحية البيضاء وفقا لتفسيرات
ترامب واليمين الذي ينتمي اليه, لينقذ الرجل الأبيض المنتمي للحضارة المسيحية
البيضاء. او كمن يقدم ادلة بؤس خطابه اليميني
بنفسه.
في حوار سابق مع زميلة
تشيكية يمينية, قالت : لا نريد المزيد من الأجانب, الا ترى ما يفعلونه في الدول
الكبرى التي استقبلتهم. كانت رؤية زميلتي التشيكية هي رؤية احادية الجانب لا ترى
في المشهد الا حفنة من الأجانب الأشرار يقومون باعمال اجرامية. الأجنبي الطيب هو
الذي لا يترك بلاده وفقا لهذه الرؤية. هي في الغالب ضحية الصورة الإعلامية
فالإعلام الذي ربما يهتم بخبر عن الأجنبي الذي يخالف قواعد المرور في بلدة اوربية
صغيرة لا يهتم غالبا بالأجنبي الباحث الذي ينتج لقاحات مضادة للفيروسات في مركز
بحثي كبير, او يشارك في تطور علمي او اكاديمي في جامعة مرموقة, او الأجنبي الذي
يموت على خط المواجهة لعلاج مرض خطير. ربما لم تنتبه زميلتي التشيكية ان ما جعل الدول
الكبرى دولا كبرى هو قدرتها على التنوع وجذب العقول والكفاءات او حتى الأيادي
العاملة وإن الأجنبي الطيب اكثر حضورا من الأجنبي الشرير غير ان المخرجين دائما ما
يحصرونه في ادوار الشر.
الله .... رائع يا محمد
ردحذفمتوقعة والله ان بعد الازمة دي هيبقى الوضع افضل مع المهاجرين وهتخف شوية الحدة والعنصرية ناحيتهم ...
ردحذف