التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المقالات الأحدث

ترامب في الكنيست: خطة سلام تحت تهديد السلاح

  خطاب ترامب في الكنيست (الأهم سياسيا من كل هراءه   في شرم الشيخ) لا يفضي إلى أوسلو ولا إلى جائزة نوبل، بل إلى لاهاي على أبواب المحكمة الجنائية الدولية . لكن، بطبيعة الحال، لن يُحاسَب، لأنه الطرف الذي يمتلك السلاح في مواجهة الكوكب بأكمله . الخطاب جاء كوثيقة سياسية تحمل ست رسائل مركزية : اعترافٌ ضمني بالمشاركة في الإبادة عبر التسليح تحدّث ترامب بفخر عن الدعم الأميركي لإسرائيل وعن “الأسلحة الذكية” والقنابل الغبية والصواريخ القادرة على محو مربعات سكنية كاملة ما فوق الأرض وما تحتها، التي مكّنتها من “تحقيق النصر”، في إشارةٍ مباشرة إلى استمرار تدفق السلاح الأميركي أثناء الحرب على غزة . لم يقل إنه يسلّح للإبادة، لكنه قدّم الإبادة باعتبارها نتيجة مشروعة للدفاع عن النفس، مما يجعله شريكًا فعليًا في الجريمة، لا مجرد متفرّج أو متواطئ صامت . تمجيدٌ لقادة المذبحة وتبييض الجرائم أشاد ترامب علنًا بقادة الحرب الإسرائيلية، وخصّ بالذكر من وصفهم بـ“الأبطال الذين أنقذوا إسرائيل من الظلام”، في وقت ما زالت فيه التحقيقات الدولية تلاحقهم بتهم ارتكاب جرائم حرب . هذا الإطراء لم يك...

ترامب والانقلاب على الاتفاق: سلام القبور أم سلام غزة؟

 


لا يمكن أن تثق في شخص بلا حدٍّ أدنى من الشرف، وأول الشرف الالتزام بما تعهَّد به شخصيًا.


1. ترامب والانقلاب على الاتفاق

جاء ترامب مفتخرًا بإنجاز اتفاق قبل توليه مهامه الرسمية، لكنه الآن يضغط لتخريبه. كان هدفه الوحيد، وفقًا لكلامه، هو إطلاق سراح "الرهائن"، لكنه لم يذكر سلام غزة أو سلامة مواطنيها إلا في تهديده لهم: "اتركوا لي غزة حتى يتوقف قتلكم." هذا ليس عرضًا، بل تهديد بالقتل أشعل المنطقة كلها.


وهكذا، اتضحت الاستراتيجية: توقيع اتفاق ثم التراجع عنه لأنه لم يعد يروق لترامب، الذي نسب نجاحه لنفسه. والمفارقة أن ترامب، ولأول مرة في التاريخ، يقف على يمين حكومة إسرائيل اليمينية أصلًا. يريد أغلب أعضاء الحكومة الإسرائيلية الاستمرار في اتفاق التبادل التدريجي، لكن ترامب يحرضهم على تخريبه والعودة للقتال بصيغة "الكل أو الجحيم".


2. تهديدات ترامب: بين الوعود والجحيم

اتخذ ترامب عدة خطوات للضغط، بدءًا من تهديد غزة بالجحيم بدلًا من بشائر السلام. كما طالب بالإفراج عن كل "الرهائن" دفعة واحدة، في محاولة لسلب المقاومة آخر ورقة تفاوض بيدها، حتى يحقق الجحيم الذي وعد به. لكن المقاومة، من جانبها، ملتزمة بالاتفاق، وتطالب الجميع بالالتزام به أيضًا. غير أن ترامب ببساطة يرد: "ما وقعت عليه لم يعد يلزمني، فأنا بلا كلمة وبلا شرف."


أزمة ترامب أنه يخاطب حمقى يصدقونه، ويفترض أن الجميع يجب أن يكونوا على نفس قدر الحماقة.


3. شحنات الأسلحة: الجحيم القادم من واشنطن

أزم ترامب المفاوضات ووضعها على فوهة بركان، ثم أرسل قنابل أشد فتكًا من تلك التي أرسلها بايدن. حيث استلمت إسرائيل حمولة ضخمة من الأسلحة على متن أول سفينة تصل من الجسر البحري بين واشنطن وتل أبيب.


وتضمنت حمولة السفينة قنابل ثقيلة، أبرزها القنبلة MK-84 التي تحتوي على نصف طن من المتفجرات، وتصل دائرة تأثيرها إلى 365 مترًا.


ووفقًا لمعلومات وزارة الدفاع الإسرائيلية، فقد وصل إلى إسرائيل:


أكثر من 76,000 طن من المعدات العسكرية.

678 رحلة جوية.

129 عملية شحن بحرية.

هذه أكبر عملية شحن جوي وبحري في تاريخ إسرائيل، والجحيم محمول جوًّا وبحرًا لتعقيد المفاوضات أكثر ووضع المسدس على رأس الشرق الأوسط كله.


4. السيناريوهات المقبلة: كيف تواجه المقاومة والدول العربية الضغوط الأمريكية؟

إذن، ما الحل في مواجهة إدارة أمريكية تؤمن بسلام الإذعان أو الجحيم؟ لا يوجد حل إلا تنويع الأساليب المضادة بشكل منسق، عبر:


الضغط بورقة الأسرى.

تقديم حلول بديلة لإحراج إدارة ترامب.

احتواء الضغوط الأمريكية المتقلبة.

كما يجب على الدول العربية الغنية استخدام الاستثمارات كورقة ضغط، بينما يمكن للدول غير الغنية التلويح بالمعاهدات السابقة على اتفاقيات التطبيع، لأن الإبراهيميين لا يمكن الوثوق بهم فيما يخص التعاون مع مصر والأردن.


التسليم الكامل للضغوط سيكون حماقة، والمواجهة الكاملة دون تنازلات تكتيكية ستكون أيضًا حماقة. المفاوضات الآن على حد السكين، وأي خطأ قد يؤدي إلى كارثة.


نحن في واحدة من أخطر اللحظات، مما يتطلب خليطًا من الجرأة والصبر والحكمة. فقد اتضح أن ترامب، كما وعد، يريد السلام... لكن سلام القبور.








تعليقات

المشاركات الشائعة