بحث هذه المدونة الإلكترونية
مكان لفهم أعمق للعالم، من منظور عربي عالمي. مدونة تسلط الضوء على تعقيدات العالم العربي في سياق عالمي.
المقالات الأحدث
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
من الاتفاقيات الإبراهيمية إلى التصعيد: تأثير ترامب على سياسة نتنياهو في المنطقة
لقاء بنيامين نتنياهو مع قناة فوكس نيوز أعاد المخاوف بشأن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي لها دلالة تتجاوز منطوقها اللفظي . انتشرت نظرية أن التصريحات هي مجرد لعبة تفاوضية من ترامب تهدف لتصعيد الضغط للحصول على أكبر مكاسب وليس بهدف تنفيذ ما فيها. تثبت الأحداث والتصريحات خطأ هذه النظرية. ترامب يواجهنا بما في رأسه ونواياه بالفعل ولا يهدف للمناورة.
لم تكن التصريحات المتكررة لترامب التي تطالب بتفريغ غزة من سكانها وتحويلها لمنتجع استثماري كبير مجرد كلمات عابرة من شخص "يهذي" لرفع سقف المفاوضات؛ بل هي إشارة بدأ لتحول الخيالات إلى ممكن، وأصبحت أحلام اليمين المتطرف أفكارًا قابلة للتنفيذ على الأرض.
لا يمكن النظر إلى التصريحات السياسية على أنها مجرد مفاوضات في سوق الأسهم الكلمات فيها بلا دلالات عاطفية ومعاني تتجاوز لغة الأرقام، فالسياسة مشحونة بالمعاني والرموز والمعتقدات التي تختلف جوهريًا عن قوانين السوق وعالم الأعمال، مما جعل علم السياسة ينفصل عن علم الاقتصاد. ولغة الأرقام تتمايز عن المعاني الرمزية والعقائدية.
1. تجاوز القضية الفلسطينية: اتفاقيات إبراهام كبديل
تجاوز وجود الفلسطينيين: تحدث عن نجاحه في "الاتفاقيات الإبراهيمية"، وهي جيل جديد من التطبيع العربي مع إسرائيل، مختلف عن السلام البارد مع مصر، حيث تحولت إلى اتفاقيات سياحية وتجارية نشطة مع الإمارات والمغرب والبحرين. وأرجع هذا النجاح إلى مبدأ أساسي في عقيدته، أو ما يُعرف بـ "مبدأ نتنياهو"، القائم على تجاوز القضية الفلسطينية بتجاهل وجود الفلسطينيين والتعامل معهم كمشكلة أمنية يتم التعامل معها بالإجراءات الأمنية لا السياسية. حتى بعد انفجار القضية التي حاول نتانياهو تجاهلها، يعاود مرة أخرى إلى قواعده القديمة: سلام بدون الفلسطينيين. أو سلام بتجاهل وجود الفلطسينيين ويحاول أن يقنع مزيد من العرب بمشاركته الرؤية نفسها.
2. فضح الحلفاء الإبراهيميين
وضع نتنياهو الحلفاء العرب في موقف محرج بعدما روجوا لهذه الاتفاقيات على أنها تخدم القضية الفلسطينية. لم يشعر نتنياهو بالحاجة إلى الصمت لحماية هذه الرواية، بل سعى لفضحها لأنه يدرك أنهم فقدوا القدرة على الغضب. الأمور على حقيقتها الآن. والرسالة أكثر وضوحا ان الحلف الإبراهيمي تم تأسيسه لتجاوز القضية واحتوائها لا للدفاع عنها بأي شكل. فلا يمكن للدول الثلاث إعادة تقديم خطواتها التطبيعية أمام شعوبها أنها لصالح القضية الفلسطينية.
3. مستقبل الدولة الفلسطينية: نهاية المطالب
نتنياهو وترامب: إعادة تشكيل السياسة الإسرائيلية في الشرق الأوسط
أشار نتنياهو إلى أنه لا يوجد مكان لفكرة الدولة الفلسطينية في المستقبل. حيث تحولت المطالب الإسرائيلية والأمريكية من "أرض فلسطينية منزوعة السلاح" إلى رغبة في "أرض منزوعة السكان". وأكد نتنياهو هذا التوجه بعدما كان يتجنب قوله علنًا ويترك المهمة لسمويترتش وبن جفير. جرّأ ترامب أحلام الجميع ودفع المقولات العنصرية إلى الواجهة ليتبناها التيار الرئيسي داخل الرأي العام الإسرائيلي المندفع لليمين أكثر مع تبني مزيد من أطيافه لمزيد من الأحلام التوراتية عن الأراضي الموعودة للشعب الموعود. لم تكن تصريحات ترامب مجرد كلمات عابرة، بل كانت بداية لتسريع العنف المؤجل.
4. التصعيد ضد مصر: ابتزاز مزدوج
في تحول واضح، صعد نتنياهو من ضغوطه على مصر والقى عليها التهم التي تلطخ يديه ويد جيشه، وتقمص دور محامي الفلسطينيين متهمًا مصر بأنها المسؤولة عن وضع الفلسطينيين في "سجن كبير". وهي دعوة لليمين الأمريكي إلى ممارسة الضغط على مصر لتنفيذ مخطط التهجير وفتح الحدود. هذا التصعيد يشير إلى محاولة ابتزاز مزدوج من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ضد النظام المصري ستدفع النظام المصري لزاوية بين الضغوط الخارجية والرفض الداخلي لفكرة تهجير الفلسطينيين من أرضهم لا لمصر ولا لغيرها.
السياسة والتغيير في المنطقة
لم تكن تصريحات ترامب مجرد استفزازات بلاغية، بل كانت بمثابة حافز مهم لإعادة تشكيل الديناميكيات السياسية في الشرق الأوسط. فمن خلال تطبيع المناقشات حول التدابير المتطرفة، مثل إخلاء غزة والتهجير القسري للفلسطينيين، شجع ترامب العناصر اليمينية المتطرفة في إسرائيل وشرعن الأفكار المتطرفة التي كانت تعتبر ذات يوم من المحرمات السياسية. وشكلت هذه التصريحات نقطة تحول خطيرة، تشير إلى الاستعداد لترجمة الخطاب المتطرف إلى قرارات سياسية قابلة للتنفيذ، مما أدى إلى زعزعة استقرار منطقة متقلبة بالفعل.
وقد أدى هذا التحول إلى تزايد الضغوط على الحلفاء والخصوم على حد سواء. فالدول التي كانت تُرى ذات يوم على أنها شريكة في اتفاقيات السلام الهشة تُرغَم الآن على الامتثال من خلال تكتيكات الابتزاز الاستراتيجي، في حين يواجه الخصوم عدوانًا عسكريًا وسياسيًا متزايدًا.
أما اتفاقيات إبراهام، التي تم تسويقها في البداية على أنها طريق للاستقرار والتعاون والأمن المشترك في الشرق الأوسط، فقد أعيدت صياغتها بدلاً من ذلك كأدوات لتجاوز القضية الفلسطينية وتحويلها لفيل في الغرفة واضح تماما للجميع لكن يتواطىء الجميع لتجاهله، مما أدى إلى شحن مشاعر المظلومية في جميع أنحاء العالم العربي.
من جانبه، يبدو أن نتنياهو تخلى عن أي تظاهر بالحفاظ على التوازنات السياسية. ومن خلال تبني خطاب ترامب ومضاعفة السياسات الأحادية الجانب، فإنه يشير إلى مرحلة جديدة تسعى فيها إسرائيل إلى الهيمنة دون أي تنازلات. ويؤكد هذا النهج على الحاجة الملحة إلى استراتيجية مضادة تتجاوز الإدانة اللفظية المجردة. ويتعين على الجهات الفاعلة الإقليمية أن تتجه نحو تدابير عملية منسقة على الأرض ــ سواء من خلال تعزيز التحالفات السياسية، أو الاستفادة من الضغوط الاقتصادية، أو تعزيز الردع العسكري ــ لمواجهة هذا المشهد المتطور بسرعة.
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
المشاركات الشائعة
إجابات معقدة عن اسئلة النصر والهزيمة في حرب حماس واسرائيل
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
أحمد الشرع: "الجولاني" الذي أعاد تشكيل الجهادية السلفية
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق