يعني ايه عقيدة قتالية؟
العقدة القتالية هي مجموعة القيم والأفكار والتكتيكات والخبرات اللي موجودة عند جيش معين بتجاوب على الأسئلة التالية :
امتى نقاتل؟ بمعنى ما هي اللحظة التي اذا ما وصلنا لها فيجب ان نبدأ في القتال
من نقاتل؟ بمعنى من هو الخصم الإستراتيجي او الذي تعبره يمثل الخطر الأكبر ضد مصالحك واحتمالات ان تخوض ضده حرب تبقى كبيرة لتضارب المصالح بينكما
كيف نقاتل؟ ما هو السلاح الذي ستعتمد عليه اكثر وكيف ستحصل عليه وكيف ستستخدمه وكيف ستوظفه لتجعل نيرانك اقوى من نيران العدو
لماذا نقاتل؟ اي ما هي الأمور التي تؤمن بها ايدلوجيا وعقائديا والمصالح التي تدافع عنها بحيث اذا ما تعرضت لدرجة معينة من الإنتهاك او التهديد انت مستعد ان تدخل في حرب تَقتل و تٌقتل فيها ومستعد ان تدافع عنها بالدم والنار..
وبيترتب على العقيدة دي بردو قواعد اشتباك القوات المسلحة بمعنى امتى تلجأ لأستخدام القوى النيرانية المميتة وامتى لا تستخدمها او تستخدمها بطريقة غير مميتة...
لذا فالعقيدة القتالية هي الجزء المعنوي الذي يحول الجيوش الى ادوات للقتال لا القتل والذي يجعل العسكريين ينظروا للحرب على انها ميدان للشرف والمجد ليس ميدان للقتل والقتل المضاد وساحة سفك دماء .
فالعسكري الذي يؤمن انه يدافع عن قضية مستعد ان يبذل روحه ودمه والذي لا يدافع عن قضية واضحة امامه ربما يهرب مع اول مواجهة... لذا كانت العقيدة العسكرية اهم السلاح لأنها هي التي تخلق جيوش متماسكة مترابطة منتظمة تنظمها عقيدة واحدة مستعدة ان تدافع عنها ولو بالدم والنار...
تمام
عقيدة الجيش المصري بقيت الى فترة طويلة تنظر الى مصدر التهديد الخارجي القادم من الحدود الشرقية انه مصدر التهديد الأول ثم من بعيد يضطلع بعدد اخر من المهام المتعلقة بعمليات ضبط الحدود ضد عمليات التهريب بكافة اشكاله ثم طالب البعض ان يكون له دور في المواجهة المسلحة مع الإرهاب المسلح الى ان تلقف ضابط مخابرات محدود الخيال مصطلح ما يسمى بحروب الجيل الرابع اللي قدمه باحث امريكي يفسر فيه حرب الولايات المتحدة ضد الجماعات المسلحة في افغانستان والصومال والعراق وغيره من الجماعات المسلحة التي تمثل خطر عسكري ضد امريكا ولكنها لا تمثل دول في حد ذاتها ولم يحظى المصطلح بتقدير في بلده لكنه حظي بإعادة تعريف مخابراتي مصري والمصطلح ببساطة بمفهومه المصري يوسع دائرة تهديد الأمن القومي الى كل شكل من اشكال انتقاد طريقة ادارة الدولة او القائمين على هذه الإدارة ويجعل اي مطالبة بالديمقراطية والمحاسبية والتنافسية السياسية والحكم الرشيد او الإصلاح السياسي كما لو كانت مؤامرة على الأمن المصري... خطورة الكلام ده ان الجيش بقى يلقن افراده كجزء من عقيدته ان المعارضة خيانة والمطالبة بالإصلاح مؤامرة وأن من يقول هذا الكلام هو مصدر مؤامرة ومصدر تهديد وان مجمموعة من المصريين اللي المفروض الجيش يدافع عنهم هم اعداء للوطن يجب ان لزم الأمر يوجه نيرانه ضدهم .. وبعدها تم جر الجيش كقوة نيران للداخل او للشارع المصري لا الحدود البعيدة وتم استخدام هذه النيران ضد المصريين في احيان كثيرة او التهديد بأستخدامها في احيان اكثر في مشاهد نزول الدبابات للشارع لتأمين ميدان التحرير وتأمين المدن في كل ذكرى للثورة منذ 2013 لا والأكتر من كده ظهرت سيارات الجيش لفض مظاهرات ومنع مسيرات للمعارضة وتم تحويل عدد من المدنيين لمحاكمات عسكرية على خلفيات سياسية... لدرجة ان ظهر الجيش في المشهد البائس اللي فيه بيشتبك يدويا مع مجموعة من الصيادين في قرية المعدية البحرية في بلطيم لمنعهم من الإبحار للصيد...
ايه خطورة الكلام ده ...
اللعب في عقيدة الجيش المصري وحشره في مواجهات مع الناس اللي المفروض يدافع عنها وحشده جنبك في خناقة سياسية في الأساس انت بالتدريج بتحلله وبتفككه وبتتأمر عليه زي ما عملوا بتوع سوريا والعراق على فكرة بالظبط. تحول الجيش السوري لجيش طائفي لضمان ولائه للرئيس ولقمع اي تفكير في المعارضة لذا فلم يصمد كثيرا في المواجهة الأهلية القائمة وكذلك الجيش في العراق تم استخدامه لقمع الداخل لا الخارج لذا فحين حانت لحظة الحقيقة تفكك الجيش بدون مقاومة.. وبالتدريج بدل ما ان يكون الجيش مؤسسة وطنية تدافع عن البلد ككيان واحد بكل ما فيه من تنويعات واختلافات وتنافس وبدلا ما ان يكون مساحة وطنية جامعة تجمع كل الفرقاء على العقيدة الوطنية تحول الى احد اللاعبين الذي يقف في صف هؤلاء ضد هؤلاء ويدعم هؤلاء في مواجهة هؤلاء واصبح الناس مختلفين عليه مما فكك الوحدة الوطنية من اساسها الصلب.. الجيش اللي تغير مهامه من الدفاع عن الناس لتأديب الناس وبيبعد عن الثكنات لعسكرية لينزل الى المدنين في الشوارع ينحدر تدريجيا على مستوى الكفاءة والجهوزية والعقيدة . .. السلطة الحاكمة مصممة على المضي قدما في تسيس الجيش وبزنسته وتفكيكه من جواه .. لله وللوطن الصراعات السياسية رمال متحركة بلعت دول وجيوش لا تضعوا الجيش في قلبها والعاقل من نزع الفتيل قبل الكارثة لا قدر الله
تعليقات
إرسال تعليق