من أجمل الحاجات اللي حصلت مؤخرًا في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيويورك هو فوز زهران محمود ممداني، رغم أنف الأيباك — وما أدراك ما أيباك.
الموضوع مش بس مين كسب ومين خسر، لكن علشان نفهم إننا قدام هزة جديدة، ولو بطيئة، في سلسلة تفكيك النفوذ التقليدي لصُنّاع الملوك في السياسة الأمريكية. اللوبي السام المسمم المعروف باسم أيباك "AIPAC" أو لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
تغيير المعادلة
لعقود، كانت
المعادلة بسيطة: اللي يرضى عنه ايباك يكسب، واللي تعاديه ينتهي سياسياً. السر مش في شعبيتها وسط الناخبين، لكن في قدرتها على فتح خزائن رجال الأعمال والشركات لجهازهم الانتخابي الضخم اللي اسمه سوبر-PACه «United Democracy Project» (UDP) أو لحلفاء زي «Fix the City». بمعايير «تسليع الإقناع» السائدة في الانتخابات الأميركية، المال الضخم يشتري شاشة أكبر، يشوّه الخصم ويلمِّع الحليف، فتأتي النتيجة كما يريد الممول.
مثال صارخ على «الفلوس تكسِّب»
في ٢٠٢٤، ضخت UDP ١٤٫٥ مليون دولار لإطاحة النائب التقدمي جمال بومان بمرشح الوسط جورج لاتيمر في الدائرة ١٦ بنيويورك. الحملة كانت الأعنف والأغلى في تاريخ الانتخابات التمهيدية للكونجرس، وانتهت بخسارة بومان.
وقبلها بعامين، أنفقت ايباك أكثر من ٤ ملايين دولار لدعم هايلي ستيفنز وإسقاط النائب اليهودي التقدمي آندي ليفن في ميشيغان-١١.
تفكك الأسطورة
لكن موخرا بدأت حملة تفكك أسطورة أيباك وتهز صورة الماكينة التي لا تُهزم … ماكينة المال مش دايماً تكسب وبدأت أصوات تنزل تتحدى النفوذ السام ده. أمثلة لكده ممكن زي:
1. سمر لي – بنسلفانيا-١٢ (٢٠٢٢ و٢٠٢٤)
واجهت هجوماً بقيمة تفوق ٢ مليون دولار من UDP، ومع ذلك فازت مرتين متتاليتين بفضل شبكة متطوعين ضخمة وتبرعات صغيرة من القاعدة.
2. إلهان عمر – مينيسوتا-٥ (٢٠٢٤)
بعد محاولة إطاحتها في ٢٠٢٢، عادت ايباك تدعم خصمها دون سامويلز، لكن عمر احتفظت بالمقعد بفارق مريح.
3. جمال بومان وكوري بوش – “السكواد” (Squad).
في 2024، أطلقت AIPAC وUnited Democracy Project حملات ضخمة ضد أعضاء مثل بومان وبوش، مع إنفاق إجمالي من الجماعات المؤيدة لإسرائيل بلغ حوالي 24.7 مليون دولار في هذه السباقات. بالرغم من ذلك، بوش فازت بسهولة، بينما بومان خسر أمام جورج لاتيمر في سباق تاريخي الأغلى للكونجرس
4. . ديفيد كيم – كاليفورنيا (الدائرة 34)
التقدمي المناصر لوقف الحرب في غزة واجه هجومًـا قوياً من AIPAC خلال عام 2024 (وقالت تقارير إن المجموعة هاجمته مباشرة خلال السباق العام)، رغم ذلك فرض نفسه على السباق وأظهر قدرة تأثير قوية في الدائرة.
5. ماكسين ديكستر – أوريجون
وفقاً لتقارير من The Intercept وFEC، AIPAC أو UDP ضخّت حوالى 1.3 مليون دولار عبر PACالإسناد حملة ضد مرشحة منافسةلكن عملت أخرى (سانديشيلا جايابال)، لكن عملت حملة كبيرة.
6. محمود زهران ممداني – نيويورك (2025)
مثالنا الأحدث: تغلّب على حملة سلبية تاريخية ممولة من نفس الشبكة التي تموّل ايباك، رغم فارق الإنفاق الهائل (,تجاوز منافسه كومو سقف ال 8 مليون دولار الحد الأقصى القانوني، وجمع التحالف الموالي لأيباك له 20 مليون دولار اخرين تم صرف اغلبهم في حملة كتير منهم في حملة تشويه ضد ممداني)
خيط مشترك
الخيط المشترك لانتصارات «مابعد ايباك ولتحدي سطوة المال الحملات دي بقى لها تكتيكات تانية زي
• تنظيم ميداني كثيف: متطوعون يدقّون الأبواب، يكلّموا الجيران، ويكسروا حاجز المال بالإقناع المباشر.
• سردية «فلوس مقابل ناس»: تحويل تمويل اللوبي إلى نقطة ضعف تُحرّك الناخب المتحفز ضد سيطرة مجتمع الصفوة والبليونيرات.
• قاعدة انتخابية جديدة: شباب، مسلمون، يهود تقدميون، أمريكيون أفارقة ولاتين؛ تحالف متنوع يرى في فلسطين رمزاً للعدالة الاجتماعية الأوسع.
لا يمكن القفز لنتيجة سهلة بالتمني ان ايباك انهارت أو انهزمت تماما. ايباك ما زالت قادرة على شراء مقاعد -- خصوصاً في دوائر منخفضة الإقبال أو حيث لا يوجد تنظيم حقيقي -- لكن أسطورة ايباك «صانعة الملوك» بتتآكل.
ايباك بقيت في منافسة ومواجهة وتحدي. أصبح من الممكن جدا ان تدعم مرشح ويخسر. او تشوه مرشح ويفوز. كل فوز على نموذج بومان يقابله فوز مضاد على طريقة ممداني أو سمر لي. ومع كل هزة، بيتفكَّك - ولو ببطء - نفوذ اللوبي الذي اعتُبر يوماً غير قابل للهزيمة.
تعليقات
إرسال تعليق